السبت، 19 يناير 2013

الشهيد المجاهد حسن بدوان: فارس القلم والبندقية


على الرغم من صغر سن الشهيد حسن عبد الخالق بدوان "18عاماً" فإن حياته القصيرة على هذه البسيطة كانت مفخرةً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فلم يمنعه عمله الجهادي ورباطه على الثغور لمواجهة جنود الاحتلال الصهيوني ومنعهم من التوغل إلى المناطق المكتظة بالسكان، عن مواصلة مسيرة جدّه واجتهاده في دراسته وحصوله على أعلى الدرجات؛ الأمر الذي جعله محط إعجاب مدرّسيه وكل من عرفه وعرف بمسيرة جهاده بعد استشهاده.

الميلاد والنشأة
بزغ فجر ميلاد الشهيد المجاهد "حسن عبد الخالق محمد بدوان" في مدينة غزة بتاريخ 11/8/1988م. حيث تربى في كنف أسرة كريمة تعرف واجبها نحو وطنها كما تعرف واجبها نحو دينها، تلك الأسرة التي هجّرت كباقي الأسر الفلسطينية من بلدتها الأصلية "السوافير الشرقية". 
ودرس الشهيد: حسن بدوان المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين, ثم درس الثانوية في مدرسة يافا تقديراً لتفوقه بدراسته آنذاك وتم تعيينه أميراً للرابطة الإسلامية - الجماعة الإسلامية سابقاً - في المدرسة. 

مشواره الجهادي
مع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة قرر حسن الالتحاق بركب جيل العقيدة، ليحمل في قلبه رسالة الإيمان والوعي والثورة ضمن صفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين التي عمل فيها بتفان وإخلاص في سبيل الله لإعلاء كلمته الطاهرة. يقول رفيق دربه أبو عبيدة: "كان حسن أكبر من سنه بكثير، الأمر الذي جعله ينال إعجاب الجميع". 
ويتابع قوله: "كان مميزاً في دراسته وعلاقاته مع أساتذة ومدير المدرسة، لهذا تم اختياره ليكون أميراً للرابطة داخل المدرسة فكان أهلا لحمل هذه الأمانة، فقدم عديدا من الإنجازات للرابطة، لكن استشهاده حال دون مواصلته لمشواره التعليمي"، مؤكداً أن حسن كان واحداً من الشباب الذين كان يتوقع لهم مستقبلاً تعليمياً وتنظيمياً مميزاً.
ويشير أبو عبيدة إلى أن الشهيد حسن هو من أصر وألح للالتحاق بسرايا القدس - الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي - حيث انضم إلى صفوفها مطلع عام 2004م فكان مثالاً للشاب المجاهد الصادق، حيث عمل بلا كلل ولا ملل. وشارك شهيدنا المجاهد في العمليات الموكلة إليه ومنها: الرباط على الثغور الحدودية لقطاع غزة، وعمليات الرصد والمتابعة لتحركات دبابات العدو الصهيوني، والعديد من المهام الجهادية المباركة. 

اعتزاز الأهل
يقول والده عبد الخالق "أبو المنذر": "كان تقبله الله ناضجاً في تفكيره ورؤيته للأمور بمنظور أكثر تطوراً وعمقاً واحتواءً لجميع الجوانب حتى في علاقاته كان مميزاً عن أقرانه في صحبته لكبار السن من رجال الدين والمثقفين وغيرهم"، مشيراً إلى ما كان يقوم به الشهيد من دور بارز في إعمار مسجد المصطفى، حيث كان من ضمن اللجنة المكلفة بمتابعة عملية البناء، إلا أن استشهاده جاء قبيل البدء بمراسم افتتاحه بعدة أيام.
ويضيف أبو المنذر، التي كانت في ضيافته بمنزله الكائن شرق حي الشجاعية: "كان قلب الشهيد حسن متعلقاً بمسجد الرحمن، عاملاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل, وشاب نشأ في عباده الله عز وجل, ورجل قلبه معلق بالمساجد..)، فكلما كنت أحتاجه لأمر ما - لا أجد صعوبة في العثور عليه لمعرفتي المسبقة بمكان وجوده داخل المسجد".
وتذكر "أبو المنذر" عديدا من المواقف الطريفة التي كان يقوم بها الشهيد مع أشقائه وأمه لرسم الابتسامة على شفاههم، لافتاً إلى ما كان يتمتع به الشهيد من صفات نبيلة وأخلاق عالية رفيعة نابعة من حلقات الذكر وجلسات التربية الإيمانية التي أكسبته الصفات الحميدة.
وتطرق "بدوان" خلال حديثه المفعم بالعز والافتخار- إلى الدور البطولي الذي كان يقوم به الشهيد لمواجهة قوات الاحتلال الصهيوني المجتاحة لمدننا وقرانا ومخيماتنا، قائلاً: "لم يكن حسن يخفي شيئاً عنّي أو عن والدته، فكلما همَّ بالخروج لقتال الأعداء كان يحرص على نيل رضانا والدعاء له بالتوفيق والسداد، وكثيراً ما كانت أمه تحثه على الوضوء وصلاة ركعتي نافلة لله قبل الخروج"، مؤكداً أن استشهاده لم يفت من عضدهم بل زادهم إيماناً وإصراراً على مواصلة الطريق.
وحول اللحظات التي سبقت رحيله إلى دار الخلود، قال: "كان يوم استشهاده يوماً مشهودا لا يمكن أن يمسح من ذاكرتي، ففي ذلك اليوم صلّى حسن معي الفجر في جماعة ثم جلس مع إخوانه يقرأ ورداً من القرآن، وشاءت الأقدار أن يختم في ذلك اليوم قراءة المصحف كاملاً، ثم حضر لمساعدتي في ذبح وتوزيع عجل فديته لله لمناسبة يوم وقفة عرفات.
وفي ساعات الظهيرة جاءه اتصال من أحد أصدقائه فاستأذنني بالخروج، فأذنت له بعد إلحاحٍ على أن يعود قبيل موعد الإفطار، إلا أن ساعة رحيله كانت بعد صلاة العصر مباشرة، حيث سمعت عدة طلقات متفرقة، فدب الخوف والقلق في قلبي، وما هي إلا بضع دقائق حتى جاء من يخبرني باستشهاده في عملية جهادية في منطقة المنطار، فاستقبلت وأمه خبر استشهاده بكل صبر واحتساب طالبين من المولى أن يجيرنا في مصيبتنا"، مشيراً إلى ما رددته زوجه من كلمات أثلجت صدره لحظة تلقيها منه نبأ استشهاد مهجة قلبهما قائلة: "الحمد لله الذي استجاب لدعوتي وجعل لي من أبنائي شهيداً في سبيل إعلاء كلمتك ونصرة دينك".

فراقه صعب
أما شقيقه محمد الذي يكبره بعامين، فأكد أن العلاقة التي كانت تربطه بحسن علاقة متميزة قائمة على الحب المتبادل والاحترام.
ويؤكد محمد أن وقع خبر استشهاد شقيقه على قلبه كان صدمة شديدة تكشّف هولها بعد انتهاء مراسم عزائه، مؤكداً أن استشهاده ترك فراغاً كبيراً في حياته. في حين ذلك أشاد مسئول لجنة المنطقة أبو عبيدة بالدور البارز للشهيد في حركة الجهاد الإسلامي. 

استشهاده
في عصر يوم 19/1/2005م كان شهيدنا على موعد مع الشهادة حيث استشهد حسن بدوان أثناء تأدية واجبه واتجاه دينه ووطنه شرق مدينة غزة. فهنيئاً لك الشهادة يا حسن، ونلتقي في الجنة على سرر متقابلين بجوار النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

(المصدر: سرايا القدس، 19/1/2005)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق